الخميس، 2 أبريل 2009

دموع شهيد - الحلقة الثانية

أقبلت تباشير الصباح .. و الطيور معها تعزف تراتيل النهار تزقزق و تحلق في كل مكان .. و اوراق الشجر تنعش نفسها بقطرات الندى .. و الزهور متفتحة تعلن عن سعادتها باشعة الشمس تنير المكان.. و الطفل الصغير يحبو فرحا في ارجاء المنزل الفسيح متفاعلا و منفعلا بسيمفونية الطبيعة و الأم ترقبه فرحه به و لا يزال لسانها يتمتم بدعوات حارة له .

و تمر اليام على هذا المنوال .. حتى شب الطفل بعض الشئ و صار يمشي على قدميه و قد بلغ من العمر 3 اعوام بدأ يتعلم نطق بعض الكلمات و تمييز بعض الأشخاص حتى جاء هذا اليوم ...

في ذات ظهيرة .. أطرق الباب فاستغربت المرأة فما هذا بوقت رجوع زوجها و لا اولادها من مدارسهم .. فظنت انها احدى الجارات ففتحت الباب متواربا فرأت أخاها ينظر اليها مرتبكا بعيون دامعة مشفقة ...

و تراجعت المرأة الى الوراء قليلا .. و هي تحاول أن تحفظ توازنها و أن تدفع بالخواطر و الأفكار المخيفة التي تندفع بقوة نحو ذهنها ... الشحوب في وجها لا تخطئه عين . و شفتاها ابيضت من قبل سماع الخبر.. و نظرت الى أخاها تحاول أن تنطق جاهدة ماذا ورائك ؟

حاول الرجل أن يتصلب و يتماسك ليخبرها ... لكن كيف و هو يعلم أن قلبها يذوب فيه عشقا...

الأخ : لقد استرد ربك وديعته .. و اختار زوجك الى جواره ليريحه من عناء الدنيا .. فهي دار عناء و شقاء....

انطلقت من الأم صرخة قصيرة عفوية .. و أخذت تحاول ان تكتمها و الدموع تنهمر على خديها كأنهار الوادي الفسيح... تسمرت في مكانها و اجحظت عيناها ... في غمضة عين رحل رفيق الكفاح بدون سابق ميعاد .. لم تلحق أن تودعه و لا أن تغمره بقبلات الوداع .. تذكرت ذكرياته معه في شريط مصور يتحرك اما عيناها .. كم كان يحبها .. كم كان عطوفا معها .. لم يضن عليها بأي مشاعر و لا عواطف رقيقة .. لغة الحب هي اللغة الوحيدة بينهما ... خواطر عديدة ممزوجة بأحاسيس مشحونة بالألم .. اه يا قلبي المكلوم يكاد يتفطر حزنا و كمدا ...

الطفل الصغير ما زال يبحث عن اباه يذهب الى غرفته الى مجلسه أين أبي .. لا أراه لماذا لم يأتي .. ما زال الطفل واقفا عند الباب ينتظر الحلوى من يديه كعادته كل قدوم .. سمع كلمة الموت تتناقلها الأفواه .. لا يدرك مضمونها ما هذا الموت الذي سلب منه أباه .. أريد أبي .. أعيدو اليا أبي .. وابتاااه و القيااه

مرت الأيام و الشهور على حالتها و قد يكون اختلاف اليالي و الأيام ينسي .. و لكن هل ينسى عطف الأب ...!! لم يعلم الطفل الصغير أن وفاة والده ما هي الا مقدمة لأحداث طوال عظام سيتجرع منها مذاق الام مائب و محن ستتكالب عليه .. لكنها تصنع منه شخصا فريدا يرفع له التاريخ قبعته .

ما زال النشاط الصهيوني ملحوظا و نشيطا ..و الأنجليز ينفذون تعادهم على اغتصاب الأرض المقدسة لصالح أنجاس البشر .. و كل يوم تتزايد فيه الهجرات اليهودية الذين أنخذوا كل الوسائل لأحتلال الأرض .. و كونوا عصابات مسلحة على أحدث طراز مهمتها ابادة المزيد و المزيد من الفلسطينيين لأجبارهم على ترك أراضيهمو اقامة حلمهم المزعوم في دولتهم " اسرائيل " و نذفذوا العديد من المذابح ككفر قاسم و غيرها التي قتل فيها الأاف و اغتصبت فيها مساحات واسعة من الأراضي .. كل هذه تحت سمع و بصر المجتمع الدولي .... وسط صمت مهين و سكون عجيب لمن يدعي انفسهم بأنهم عرب و مسلمين ..

و اكتملت المؤامرة الكبرى .. و بلغ التحدي يجب أن ترحلوا سنغتصب أرضكم باي وسيلة و باي ثمن ... جاءت المذبحة الكبرى .. مذبحة مروعة لا تعرف الحيوانية لها مثيل فضل عن الأنسانية .. يتبرأ من ذكرها التاريخ .. وصمة عار في جبين الأنسانية .. لو شاهد الأنسان الحجري القديم لأستنكره من هول الفظاعة و الوحشية

انها مذبحة دير ياسين

الى لقاء في حلقة قادمة ...